منظمات حقوقية: استمرار غلق المجال العام، وإقصاء الشباب، ومصادرة الحريات

In مواقف وبيانات by CIHRS

56a34d8bc7e8bتدين المنظمات الموقعة أدناه الحملة الأمنية الشرسة التي شنتها وزارة الداخلية استعدادًا لذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير، والتي شملت انتهاكات واسعة لعدد من الحقوق اﻷساسية المحصنّة دستوريًا وعلى رأسها الحق في السلامة والأمان الشخصي، والحق في الخصوصية والحق في التجمع السلمي. كما تدين المنظمات ما تردد حول اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين في مناطق متفرقة بالجمهورية أمس الأول الاثنين 25 يناير 2016، وأسفرت في بعضها عن مقتل أكثر من شخص خارج نطاق القانون، والقبض على آخرين. وترى المنظمات في ذلك استمرارًا للنهج القمعي الأمني التقليدي والذي لم يتغير منذ الثورة، بل ازداد توحشًا؛ نتيجة غياب آليات المحاسبة، والإفلات المستمر من العقاب.

ففي خضم الحملة الأمنية استعدادًا للذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، والتي عكست فلسفتها تصريحات أحد مسئولي جهاز الأمن الوطني المصري لوكالة رويترز للأنباء، قبل أيام، قال فيها نصًا “اتخذنا عدة إجراءات لضمان عدم وجود مُتنفس للنشطاء؛ فقمنا بإغلاق العديد من المقاهي وأماكن الالتقاء لمنعهم من التجمع، وألقينا القبض على العديد منهم لإخافة الآخرين“. شنت قوات الأمن حملة تفتيش موسعة في محيط وسط القاهرة، اقتحمت فيها عشرات الشقق السكنية المفروشة، دون أي سند قانوني، واستوقفت المئات من المارة في الشوارع لفحص هواتفهم وحواسبهم الخاصة، فضلا عن إلقاء القبض على عدد من الشباب، قالت قوات الأمن أنهم خططوا لتنظيم بعض وقفات أو تظاهرات احتجاجية في الذكرى الخامسة للثورة، أو أسسوا حركة بخلاف أحكام القانون تسمى “حركة 25 يناير”.

ففي 14 يناير، اقتحمت قوات الأمن منزل الدكتور طاهر مختار، عضو نقابة الأطباء، وأحمد محمد حسن (استاكوزا)، الطالب بكلية الحقوق جامعة بني سويف، وحسام الدين حمد (سام)، الطالب بكلية الهندسة ومبرمج، وألقت القبض عليهم، بعدما أنهت أعمال التفتيش غير القانونية، وصادرت حواسبهم وهواتفهم الشخصية، وحرزت بعض أوراقهم –من بينها بيان حملة الحق في الصحة في أماكن الاحتجاز– دون إبراز إذن النيابة بالتفتيش، أو توضيح سبب المداهمة والقبض. ووجهت النيابة لهم تهمة “حيازة منشورات تدعو لقلب نظام الحكم“، وذلك بناءً على تحريات من الأمن الوطني بتاريخ 13 يناير تفيد بقيام الأشخاص الثلاثة بالترويج للتظاهر واستغلال تصرفات فردية لبعض ضباط الداخلية في تحريض المواطنين يوم 25 يناير. وقد أمرت النيابة بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات في محضر رقم 498 لسنة 2016جنح عابدين، وتجدد الحبس في 17 يناير الجاري لـ 15 يوم أخر.

كانت قوات الأمن قد ألقت القبض أيضًا على كل من أحمد المصري والصحفي محب دوس الأعضاء بحركة تمرد، بتهمة التحريض على التظاهر يوم 25 يناير. حيث استوقفت القوات محب أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ليلة عيد الميلاد 6 يناير الجاري، واصطحبته لقسم الوايلي، ولم يستدل أهله على مكان احتجازه، حتى فجر الجمعة 8 يناير، بعدما خضع محب للتحقيق في نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس –منفردًا دون محامي– على ذمة القضية رقم 796 لسنة 2015، وأمرت النيابة بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وتم التجديد له 15 يومًا أخر في 19 يناير، كما قامت قوات الأمن بتفتيش منزله يوم الخميس7 يناير وصادروا حاسبه الشخصي، دون الإدلاء بأية معلومات لأهله حول مكان احتجازه أو سبب التفتيش. أما أحمد المصري فقد تم القبض عليه في الليلة نفسها أثناء تواجده بمسجد الشرطة، وعلم ذووه في اليوم التالي أنه تم ترحيله لقسم الجمالية، وخضع للتحقيق –منفردًا دون محاميه– أمام رئيس نيابة أمن الدولة الذي أمر بحبسه 15 يومًا على ذمة القضية المذكورة، وجُدد حبسه 15 يومًا أخر في 19 يناير.

وبموجب التهمة نفسها –التحريض على التظاهر في 25 يناير– تم القبض على محمود السقا، طالب بالفرقة الرابعة بكلية الزراعة، والمحرر بموقع 25 يناير، في الثالثة فجر الخميس 31 ديسمبر، أثناء نزوله من مقر عمله بالمهندسين. واقتادته قوات الأمن لقسم الدقي معصوب العينين، ومنه لأحد مقرات أمن الدولة بمدينة 6 أكتوبر، ثم ظهر عصر السبت 2 يناير 2016 في نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس، وعليه آثار اعتداء وضرب. محمود السقا أقر في التحقيقات أنه تعرض للضرب والصعق بالكهرباء في القسم وفي مقر الأمن الوطني، وهو محتجز حاليًا بسجن الجيزة الكيلو عشرة ونصف، بعد تجديد حبسه في 11 يناير على ذمة القضية رقم 796 لسنة 2015، والخاصة بالانتماء لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون، تسمى حركة شباب 25 يناير. بما يحول دون تأديته امتحانات نصف العام بالكلية.

كذا ألقت قوات الأمن في 29 ديسمبر الماضي –على ذمة القضية نفسها– القبض على مجموعة أخرى من النشطاء لانضمامهم للحركة نفسها، هم شريف محمود محمد رمضان (شهرته شريف دياب)، وخالد أحمد طاهر، وسيد فتح الله ومحمد فياض. حيث داهمت قوات الأمن منزل كل من خالد أحمد طاهر، وسيد فتح الله وألقت القبض عليهما، بينما ألقت القبض علي محمد فياض وشريف دياب من مقار عملهم. خضع النشطاء الأربعة للتحقيق يوم الأربعاء 30 ديسمبر أمام نيابة أمن الدولة بمنطقة التجمع الخامس، والتي أمرت بحبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيق، وتم التجديد لهم 15 يومًا أخرى في 21 يناير. يُذكر أنه بعد انتهاء التحقيق في نيابة أمن الدولة، تم نقل سيد فتح الله لقسم الزاوية الحمراء التابع له، بينما نُقل خالد أحمد لقسم بولاق الدكرور ومحمد فياض لقسم القاهرة الجديدة، بينما تم نقل شريف دياب إلى سجن طوخ المركزي، ومنه لسجن بنها العمومي، حيث أُجبر هناك على خلع ملابسه وتم الاعتداء عليه بالضرب، ولم تسمح إدارة السحن بدخول أطعمة أو غطاء له. وفي جلسة التجديد، الاثنين 11 يناير، تقدم المحامي خالد علي بطلب لنقله سجن طره –وقد تم نقله– كما تقدم ببلاغ ضد مأمور قسم بنها بسبب ما تعرض له شريف من انتهاكات، إضافة إلى حبسه الانفرادي غير المبرر.

في 28 ديسمبر الماضي ألقت قوات الأمن أيضًا القبض على 4 نشطاء، هم: محمد نبيل وأيمن عبد المجيد وشريف الروبي الأعضاء بحركة شباب 6 إبريل، ومحمود هشام –الذي سبق حبسه على ذمة قضية الاتحادية– وذلك في حوالي الواحدة والنصف فجرًا. حيث اقتحم حوالي 10 رجال بزي مدني –قالوا إنهم من الأمن الوطني– منزل أيمن عبد المجيد، وبعد التفتيش صادروا حاسبه الشخصي وهواتفه النقالة، واقتادوه لقسم النزهة، ثم لقسم الدقي. وبالتزامن، داهمت قوات الأمن منزل محمد نبيل عضو حركة شباب 6 إبريل، وبعد التفتيش، تم القبض عليه. وبالمثل تمت مداهمة منزل محمود هشام في اليوم نفسه واصطحابه لقسم شرطة الخليفة، ومنه لنيابة الدقي. كما ألقت قوات الأمن القبض على شريف علي محمد، الشهير بشريف الروبي من أحد مقاهي وسط البلد، بزعم صدور قرار ضبط وإحضار له. عُرض النشطاء الأربعة على نيابة الدقي، التي أمرت بحبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 20065 لسنة 2015 جنح الدقي. وقد تم تأجيل جلسة التجديد –التي كان مقررًا لها يوم 24 يناير–لتعذر حضور المتهمين من مقار محبسهم الاحتياطي لدواعي أمنية، على أن تنعقد في 30 يناير الجاري. ووجهت النيابة لهم تهم الانضمام إلى جماعة محظورة، والتحريض علي التظاهر. وذلك على خلفية مشاركتهم في تظاهرة يوم 12 ديسمبر بميدان الدقي. قرار الضبط والإحضار ورد به أيضًا اسمين آخرين لم يتم القبض عليهم بعد هما محمد سامي البيومي وإسلام محمد عبد الحميد محمد عرابي، وقد وجهت لهما النيابة غيابيًا تهمًا تتعلق بالاشتراك في تظاهرة دون تصريح، وإحراز مواد نارية (شماريخ).

فوجئ كل أحمد دومة، ومحمد عادل وأحمد ماهر عضوي حركة 6 إبريل، والمحبوسين على ذمة قضية “أحداث مجلس الشورى”، بصدور حكم غيابي ضدهم –رغم أنهم في جهة معلومة هي محل حبسهم– بالحبس لمدة 6 أشهر إضافية، بتهمة التعدي على ضابط شرطة، داخل محبسهم بمعهد أمناء الشرطة، أثناء محاكمتهم في قضيتهم الأولى (أحداث مجلس الشورى). الأمر الذي يحول دون إدراج عادل وماهر ضمن العفو الإلزامي المقرر لهما بموجب القانون، والذي ينص على أن المتهم الذي لم توقع عليه أحكام خلال مدة حبسه، يحصل على عفو –لحسن السير والسلوك– بعد قضاءه 75% من مدة الحبس المقررة له بموجب الحكم القضائي.

كذا وفي إطار الحيلولة دون أي تجمع شبابي يحتفي بثورة يناير، صدرت تعليمات أمنية بإلغاء حفل فريق “الأولة بلدي” بقصر الأمير طاز –ثم بمسرح الميدان بدار الأوبرا– والذي كان مقررًا انعقاده في 24 يناير، وذلك وفقًا لبيان صدر عن الفريق لتوضيح أسباب إلغاء الحفل، فضلًا عن الإجراءات القمعية التي تم اتخاذها في وقتا سابق –على مدى الشهور الأربعة الماضية– ضد عدد من المؤسسات الثقافية المصرية. وصلت لحد مداهمة المقرات والعبث بممتلكاتها وإغلاق بعضها، مثلما حدث في جاليري تاون هاوس ومسرح روابط ودار ميريت للنشر، وشركة زيرو برودكشن ومركز الصورة المعاصرة. هذا بالإضافة إلى عشرات الملاحقات القانونية التعسفية المستمرة، لعدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين.

في السياق نفسه، تم منع الشاعر عمر حاذق في 14 يناير الجاري من السفر لهولندا لاستلام جائزة حرية التعبير لدواعي أمنية، رغم عدم إخطاره بأية قرارات تتعلق بذلك. وكان حاذق قد شمله العفو الرئاسي في سبتمبر الماضي، قبل أن ينهي عقوبته بالسجن لعاميين في خرق قانون التظاهر. كما اعتقلت قوات الأمن في اليوم نفسه سعيد شحاتة العامل بالشركة العربية للغزل والنسيج “بوليفار”، من منزله، ووجهت نيابة أمن الدولة بالإسكندرية له اتهامات بالتظاهر بمنطقة “أبو يوسف” بالعجمي قبل أن يتم تحويله لقسم رمل ثان ومنه إلى نيابة الدخيلة.

ولم تنل الملاحقات والتضييقات الأمنية من النشطاء السياسيين وحسب، بل امتدت أيضًا لأصحاب الأصوات المعارضة سواء داخل المؤسسات الإعلامية أو منظمات المجتمع المدني. ففي 14 يناير أيضًا، هاجمت قوة من مباحث المصنفات الفنية، موقع مصر العربية الإخباري، وبعد تفتيش بعض الأجهزة وتصوير مقر الموقع بكاميرات الفيديو، تم التحفظ على 8 أجهزة حاسب آلي وتسجيل بعض عناوين الموضوعات التي كانت تُعد للنشر على الموقع؛ بزعم أنها أخبار تضر بالأمن القومي، واصطحاب المدير الإداري للموقع أحمد محمد عبد الجواد إلى قسم الدقي، والذي تم إخلاء سبيله في وقت لاحق من اليوم التالي. فيما يمثل الصحفي إسماعيل الاسكندراني اليوم الأربعاء 27 يناير، لجلسة تحقيق جديدة على خلفية اتهامه بالانضمام لجماعة “إرهابية” أُسست على خلاف القانون والترويج لأفكار هذه الجماعة، وإذاعة أخبار كاذبة، وفقًا لتحريات الأمن الوطني في القضية ٥٦٩ لسنة 2015. إذ كانت قوات الأمن قد ألقت القبض على الإسكندراني في 30 نوفمبر الماضي في مطار الغردقة، لدى عودته من العاصمة الألمانية برلين، ولا يزال رهن الاحتجاز على ذمة القضية المشار لها.

تؤكد المنظمات الموقعة على هذا البيان، أن الممارسات الأمنية المتواصلة لغلق المجال العام تمثل تهديدًا أساسيًا للاستقرار السياسي والأمني للدولة المصرية. وان احترام مؤسسات الدولة للدستور والقانون والحقوق والحريات ليس رفاهية، ولكنه هو الضمانة الوحيدة للتقدم والاستقرار.

المنظمات الموقعة

  1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
  2. الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
  3. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
  4. مركز الأرض لحقوق الإنسان
  5. مركز الحقانية للمحاماة والقانون
  6. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
  7. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
  8. مركز حابي للحقوق البيئية
  9. مركز هشام مبارك للقانون
  10. المفوضية المصرية للحقوق والحريات
  11. المؤسسة العربية لدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان “عدالة”
  12. المؤسسة العربية للحقوق المدنية والسياسية
  13. مؤسسة حرية الفكر والتعبير
  14. مؤسسة قضايا المرأة المصرية
  15. مصريون صد التمييز الديني

Share this Post