مركز القاهرة: على دولة فلسطين التصديق على معاهدات حقوق الإنسان، وعلى إسرائيل وقف الأعمال الانتقامية

In دول عربية by CIHRS

يتقدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بخالص التهنئة لدولة فلسطين على مكانتها الجديدة كدولة مراقب غير عضو بالأمم المتحدة، وذلك بعد صدور القرار 67/191 في 29 نوفمبر الماضي.

جاءت تلك الخطوة تزامنًا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بدعم هائل من جانب المجتمع الدولي، حيث صوتت 138 دولة عضو بالجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة، و9 دول بالمعارضة وامتنعت 41 دولة عن التصويت. ووفقًا لهذا القرار، تعترف الأمم المتحدة رسميًا بفلسطين كدولة لأول مرة في تاريخها.

يأتي هذا الانتصار بعد شهور من المطالبة المستمرة من قبل السلطات الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني، ومن بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وغيره من المنظمات العربية والدولية لحقوق الإنسان من أجل الاعتراف بدولة فلسطين. في هذا السياق يحث مركز القاهرة الدولة الفلسطينية بشدة على دعم التزاماتها بحقوق الإنسان التي تعهدت بها سابقًا عن طريق اتخاذ خطوات فورية للتوقيع على كافة المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، والتصديق عليها.

في 28 نوفمبر، أدان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان و30 منظمة حقوقية بمختلف أنحاء المنطقة العربية تهديدات نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قبيل تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث قال السيد ليبرمان أن إسرائيل تستهدف “حجب عائدات ضرائب فلسطين، وقطع الكهرباء وإمدادات المياه عنها، وكذا إغراق الأراضي المحتلة بمستوطنات جديدة إذا ما مضت قدمًا في التصويت في الأمم المتحدة”.[1] ومازال القلق يساور مركز القاهرة بشان الخطوات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية مؤخرًا نحو الاستمرار في تلك الأعمال الانتقامية. إذ يشكل القرار الأخير للحكومة الإسرائيلية بالموافقة على بناء 3000 منزل في منطقة E1 بالضفة الغربية المحتلة المتاخمة للقدس الشرقية انتهاكًا واضحًا وجسيمًا لالتزاماتها بموجب كل من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

كان الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون قد أطلق على تلك الخطط “الضربة القاضية” لحل الدولتين.[2] وثمة خطوات مماثلة تم اتخاذها من قِبل حكومة إسرائيل بعد انضمام فلسطين مباشرةً إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية، والعلوم والثقافة (اليونسكو) في نوفمبر 2011، وهو ما يعد بمثابة تدبير انتقامي ضد حكومة فلسطين ومواطنيها بسبب قرار اتخذه المجتمع الدولي،[3] كما يمكن اعتباره شكلاً من أشكال العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني.

كما يدين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان البيانات التي صرح بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم 2 ديسمبر أثناء اجتماعه الأسبوعي بمجلس الوزراء، حيث قال أن إسرائيل يحق لها رفض قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67/191.

فضلاً عن ذلك، ينطوي قرار إسرائيل بمصادرة أموال الضرائب التي جمعتها إسرائيل من أجل السلطة الفلسطينية في نوفمبر (460 مليون شيكل) واستخدامها ضد مديونية السلطة الفلسطينية لشركة الكهرباء الإسرائيلية[4]، خطوة مثيرة للقلق قد تضر بالحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني، كما قد تقف حائلاً أمام المفاوضات المستقبلية حول كيفية التوصل إلى اتفاق سلام.

في هذا الإطار يحث مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إسرائيل على الامتناع عن التوسع في المستوطنات غير الشرعية وتفكيك القائم منها، والاعتراف رسميًا بقرار 67/191 الذي يمنح فلسطين صفة مراقب غير عضو، ووضع حد لكافة التدابير الرامية إلى “معاقبة” فلسطين حكومةً وشعبًا بسبب مسعاهما الناجح بالأمم المتحدة. كما ينبغي أن تمتنع الحكومات الأخرى، بما في ذلك الإدارة الأمريكية، عن تهديد الحكومة الفلسطينية بقطع المساعدة عن السلطة الفلسطينية إذا ما قامت بتوجيه اتهامات ضد إسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية. ويتعين على الحكومات في مختلف أنحاء العالم شجب تلك الأعمال الانتقامية بشدة واتخاذ تدابير ملموسة للضغط على إسرائيل من أجل التوقف عن هذا السلوك.

ينبغي أن يبدأ تصديق دولة فلسطين على المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان بالمعاهدات التسع الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويتضمن ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية (1966)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966) والبروتوكولين الإضافيين، والاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري (1965)، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (1979)، واتفاقية مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة (1984)، واتفاقية حقوق الطفل (1989). كما يناشد المركز الحكومة الفلسطينية بالتوقيع على معاهدات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية والتصديق عليها، وإذ كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد أبدت استعدادها للتصديق عليها منذ 1989.

علاوةً على ذلك، يجب على فلسطين أن توقع وتصدق على نظام روما الأساسي (2002) وأن تصبح دولة طرفًا في المحكمة الجنائية الدولية بغية ضمان المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وكذا ضمان تحقق العدالة لضحايا انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

نحث كل من السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة حماس في غزة على دعم معايير حقوق الإنسان بالنظر إلى سياساتهما الوطنية والدولية، وكذلك ضمان المساءلة عن كافة الانتهاكات، وذلك من أجل تجنب المعايير المزدوجة والإفلات من العقاب عن الانتهاكات الماضية المرتكبة في سياق الصراع الداخلي فيما بين فتح وحماس.

يجب أن تنتهز فلسطين فرصة انعقاد الدورة الثانية والعشرين القادمة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مارس 2013 للإعلان عن التوقيع على المعاهدات سالفة الذكر والتصديق عليها. بالإضافة إلى ذلك، ومن قبيل التعبير عن الإرادة السياسية الحقيقية في المشاركة في الآليات الدولية الحالية لحقوق الإنسان، ندعو الحكومة الفلسطينية إلى تقديم طلب رسمي للجمعية العامة للسماح لفلسطين بالمشاركة في آلية الاستعراض الدوري الشامل بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بوصفها دولة قيد الاستعراض.

إن التصديق على تلك المعاهدات يعد بمثابة خطوة أولى على طريق بناء فلسطين ديمقراطية، وسوف يبعث بإشارة قوية عن إرادة الحكومة الفلسطينية لدعم سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، وتعزيزها.


[1]  يغلب أن تدعم إثنتى عشر دولة عضو في الإتحاد الأوروبي مسعى فلسطين في الأمم المتحدة http://euobserver.com/foreign/118149

http://www.un.org/sg/statements/index.asp?nid=6476[2]

[3] إسرائيل تتمسك بالسلاح: المزيد من المستوطنات على الرغم من الإدانة. http://www.albawaba.com/news/israel-settlements-454197

Share this Post